القائمة
الشفهي والكتابي في الثقافة الإسلامية المبكرة

الشفهي والكتابي في الثقافة الإسلامية المبكرة

إنّ دراسة ظاهرة الشّفهيّ والكتابيّ لا تزال مغيّبة في ثقافتنا الإسلاميّة، والدّراسات الجادّة التي اهتمّت بهذا الموضوع لا تزال نادرة إن لم تكن منعدمة. وثمّة إشكالان قد يُثاران حول هذا الموضوع، أوّلهما ما يمكن أن يعترض به البعض: وما الجدوى من بحث الشّفهيّ والكتابيّ في الثّقافة الإسلاميّة الأولى؟ أيّ فائدة عمليّة تجنيها ثقافتنا الإسلاميّة من دراستنا لظاهرةٍ كهذه؟ نجد أنّ هذه التّساؤلات مشروعة وطبيعيّة، ولعلّ ما يمنحها شرعيّةً أكثر في نظر القارئ أنّه يلاحظ أنّ أغلب الباحثين المهتمّين بدراسة الثّقافة الإسلاميّة في قرونها الأولى أغفلوا الاهتمام بهذا، وكانت انطلاقتُهم البحثيّة غالباً من عصر التّدوين، وكأن هذا الأخير هو البداية الأولى للثّقافة الإسلاميّة التي لم تصل إلى مرحلة التدوين، في حقيقة الأمر، إلّا بعد أن قطعتْ شوطاً لا بأس به من التّداول الشّفهيّ.
أما الإشكال الثّاني فقد يُقال إنّ الاهتمام بهذا الأمر ما هو إلّا أثر من آثار الدرس الاستشراقي، والهدفُ منه التشكيكُ في أصولنا ومصادرنا.
نعتقد أنّ أيّ ثقافة إنسانيّة مرّت لا محالة بالقناة الشّفهيّة، ونعتقد أنّه حان الأوان ألّا نشكك وألّا نتوجّس من كلّ مَن حاول الاقتراب أكثر من النّصّ. إنّ إرجاع النصّ إلى الإطار الشّفهيّ الذي وُلد فيه ونما فيه أيضاً يجعلنا أقربَ إلى فهم مُراده، ومحاولة استيعاب مقصد النّصّ وغايته لا تعني أبداً تشكيكاً أو هدماً له.
أما صِلَتُنا بالاستشراق خصوصاً والغرب عموماً فينبغي إعادة النظر فيها، فنخرج من المأزقَين معاً: مأزق نبذ الغرب مطلقاً والتقوقع على الذات، ومأزق الانبهار به غير الفعّال والذوبان كلّيّةً فيه. فليس كلّ ما طرحه الغرب من أفكار سلبيّاً، وليس كلّ ما هو موجود في تراثنا ومصادرنا إيجابيّاً.

يحيى بلحسن

تاريخ الإصدار: 2025

الناشر: الآن ناشرون وموزعون

المؤلف: يحيى بلحسن

عدد الصفحات: 985

تطبيق ألف كتاب وكتاب

حمل التطبيق الآن واستمتع بقراءة كتبك المفضلة في أي وقت وأي مكان