القائمة
الفكر التربوي عند الخطيب البغدادي (ت463هـ/ 1070م)

الفكر التربوي عند الخطيب البغدادي (ت463هـ/ 1070م)

في (كتابة الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع)

يستدعي البحث أن نوضح أن التربية والتعليم كانا من اهتمامات الإنسان منذ قرون طويلة لعلاقتهما المباشرة بتطوره وتقدمه في حياته الشخصية والاجتماعية.
وقد أسفرت اهتماماته تلك عن تقدّم كبير وهائل في جميع المعارف والعلوم المختلفة التي هي حلقات متصلة بعضها ببعضٍ، ومؤثرة فيه، وأن الإنسان لا يستطيع أن يعلو في أي علم إلا من خلال البحث والتربية والتعليم، وتدوين ما يتوصل إليه وفق الضوابط العلمية للمجتمع الذي ينشأ فيه ذلك العلم.
ومن العلوم الأولى التي نشأت عن الحضارة العربية الإسلامية كان الحديث النبوي الشريف الذي كان له الفضل الكبير في الحياة الدينية والثقافية والعلمية.
ومهد نشوء وتدوين علوم التاريخ، والإنسان، وعلم اللغة العربية كما مهد باتباعه منهج السند في تتبع أثر الرواية للحديث، الذي نأمل الاقتداء به منهجاً بكل علم.
ومن خلال ما تقدم، وبحكم تخصصي في علم (التربية وعلم النفس) وجدت من المناسب أن أبحث عن كتاب مهني تراثي كتب في أحد تلك العلوم، فوجدت أن الخطيب البغدادي (ت 463هـ/1070م) قد دوّن كتاباً لمعلم الحديث النبوي الشريف وطالبه الذي يحمل عنوان (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع) الذي لم يدرس من قبل من باحثين آخرين.
فوجدت من المناسب أن أدرس الكتاب المذكور دراسة تحليلية، خاصة للخطيب البغدادي الذي يعرف من قبل المعنيين بالتراث بأنه محدّث ومؤرخ، ولم يعرف بأنه تربوي وتعليمي، فجعلنا كتابه ذلك في رحاب ثاني علم دولة العرب بعد القرآن الكريم.
إن دراستنا لهذا الكتاب هي دراسة للخبرات والمفاهيم والعلاقات الأخلاقية العملية التي تربط العلماء الطلاب بعضهم ببعض في المجالس التعليمية والثقافية آنذاك. وفي اعتقادي نحن بأمس الحاجة إليها بدراستها في جامعاتنا وكلياتنا ومعاهدنا التربوية المتخصصة في علم الحديث، وفي التربية والتعليم عموماً، وفي المنظومة الأخلاقية والأدبية خصوصاً التي أولى الخطيب البغدادي عنايته الخاصة بها كونه محدثاً ومؤرخاً وتربوياً ولغوياً.
ولا أخفي عليك عزيزي القارئ أن الكاتب وهو يدرس هذه الشخصية واجهته مصاعب، كون الخطيب البغدادي كان دقيقاً في اختيار كلماته وكان في بعض الأحيان يذكر كلمة دون توضيح وتعريف في الغالب، فكان علينا أن نذهب إلى كتب تاريخية وتراثية ذات علاقة بالفكر التربوي العربي الإسلامي ساعدتنا في بحثنا باستعمال المنهج التاريخي التحليلي الاستقرائي في هذا الكتاب.
ومن المصاعب الأخرى أن الخطيب البغدادي كان يستعمل أسلوب الرواية لآراء المحدثين وأفكارهم في موضوع معيّن، ولا يبدي رأيه، فجعلنا نعتقد أن هذه الطريقة هي لاستيعاب المزيد من الروايات التي تتناول الراوي والطالب وجعلها في أجوائهما كما وصلتْ إليه علمياً.
ولا بد من الإشارة أن الخطيب البغدادي كان في تناوله لواجبات الراوي (المعلم) والطالب في الجوانب المهنية والأخلاقية فيها الشيء الكثير من التداخل والتشابه حتّمت علينا استعمال التفكيك إلى بنود وقواعد لكل واحد منهم، ليكون البحث فيه واضحاً عند شروعنا بالكتابة متناولين كلاً بمفرده ليتوضح فكره التربوي والتعليمي ومنظومته الأخلاقية.
وبعد اختبارنا للصعوبات وغيرها تمكّن الكاتب من تدوين مادته فكان ثمرته هذا الكتاب الذي جاء في خمسة فصول احتوى كلّ فصل على عدد من المباحث المتسلسلة والمترابطة في الجانبين المنهجي والعلمي.

تاريخ الإصدار: 2012

الناشر: دار دجلة للنشر والتوزيع

المؤلف: صفاء داود سلمان

عدد الصفحات: 552

تطبيق ألف كتاب وكتاب

حمل التطبيق الآن واستمتع بقراءة كتبك المفضلة في أي وقت وأي مكان