القائمة
الحياة مشيا تحت سماء أريحا

الحياة مشيا تحت سماء أريحا

في عتبة هذه السيرة يوضح الريماوي عزوفه – سابقا – عن كتابة سيرته الذاتية لأسباب عديدة منها: أسوة بعشرات المبدعين الكبار؛ الذين يرون أن «سيرة المبدع تتسرب إلى نصوصه، وأن تلك النصوص تعكس شخصيته وعالمه الداخلي وتحولاته وتجاربه الواقعية والروحية في الحياة». وسبب ثان أن كتابة السيرة تشعر الكاتب بنهاية المسيرة وأن لا متسع للإنجاز. وسبب ثالث أن بعض النقاد يشككون في فن السيرة الذاتية، وأنها لا تخلو من تخييل ومخاتلة وتكتب بوعي الراهن؛ متهمة في موضوعيتها ومصداقيتها. وسبب رابع أنه شاع أن السيرة الذاتية لا بد أن تتضمن اعترافات جريئة، أي أنها تتطلب قدرا من الإثارة، وهذا ما يعارضه الريماوي، فالكاتب لا يجلس على كرسي اعتراف، ومن حقه أن يكتب ما يراه مناسبا ومؤثرا في حياته. وسبب خامس وأخير ميل بعض كتبة السيرة الذاتية إلى النرجسية وتضخيم الذات، وأن حياتهم في غاية الأهمية، زاخرة بالإنجازات. ويعلل الريماوي عدوله وكتابته سيرته الذاتية على الرغم من الأسباب السابقة؛ أن هذا الكتاب جاء تحية لمدينة «أريحا» التي عاش فيها طفولته وفتوته، وهي أقدم المدن المأهولة في التاريخ، وعانت من الاحتلال الصهيوني البغيض، وضمت بين جنباتها مخيمات اللاجئين. والسبب الثاني أن حوارا في مجلة «نزوى» العمانية نبش بعض سنوات عمره الأولى وحياته وظروفها، فانفتحت سيرته، وكان لا بد لمزيد من الإضاءات والتفاصيل.

ملامح أريحا

من يقرأ سيرة الريماوي، يلاحظ بوضوح أنها تختلف عن كثير مما عهده من السير الذاتية، وهذا ما أشار إليه في عتبة الكتاب بقوله: «أقوم بالتعريف بنفسي من خلال المكان، وعبر نمط الحياة في المدينة، وكذلك من خلال الآخرين الذين عايشتهم من قرب وبدرجات متفاوتة». فهو لا يتحدث عن نفسه بشكل مباشر، ولا يعنيه تسليط الضوء على ذاته، ولا يحفل بإنجازاته، ولا مركزية له في النص، فهو جزء من كل، ولا وجود له بغيره، معني أن يتحدث عن أريحا المكان والإنسان والثقافة والطقوس والألعاب والعادات، يتحدث عن حركة الحياة في أريحا ببساطتها وأريحية أهلها ومتانة نسيجها الاجتماعي رغم تنوعه. تحدث الريماوي عن بعض الألعاب التي كان يمارسها مع أقرانه مثل: كرة القدم، المشي على حافة جسر ضيق، سيارة الأسلاك، لعبة الإكس، الحبلة، الأرجوحة (المرجيحة) صيد العصافير، البحث عن إبليس، الدراجة الهوائية، وغيرها. كما تحدث عن صندوق العجب، وباعة الترمس والأسكيمو والبوظة والهريسة، وعن الراديو الكبير في المنزل، ثم راديو الترانزستور والتلفزيون، وعن النوم على السطح، وعن موت زميله، وعن جغرافية أريحا وبساتينها ومستنبتها وأشجارها وأمطارها وواديها الذي يفيض شتاء ومدارسها ومطاعمها ومتنزهاتها ومقاهيها ودور السينما فيها ومخيماتها، وتناول بعض الشخصيات التي علقت في الذاكرة، وجانبا من طقوس أهل المدينة ونشاطات أهلها وبعض عائلاتها وتجاراتهم، وأخيرا هزيمة 1967 التي قذفتهم شرقا.

تاريخ الإصدار: 2025

الناشر: فضاءات للنشر والتوزيع

المؤلف: محمود لطفي الريماوي

عدد الصفحات: 239

تطبيق ألف كتاب وكتاب

حمل التطبيق الآن واستمتع بقراءة كتبك المفضلة في أي وقت وأي مكان