القائمة
المفهماتي

المفهماتي

عَزِيزِي الرَجُلٌ بِالتَأْكِيد كان في حَيَاتك اِمْرَأَة لم تَفَهَّمَها ، واعْتَقَد أَنْ في حَيَاتك اليَوْم اِمْرَأَة لا تَفَهَّمَها ، وأُؤكِّد لك أَنْ في المُسْتَقْبَل سيكون في حَيَاتك اِمْرَأَة أخري لن تَفَهَّمَها ، فالرَجُلٌ يَفْشَل دَائِمَا أن يَفَهَّمَ المَرْأةَ والمَرْأةَ تَفْشَل أن تَفَهَّمَ نَفْسُها أحياناً ، لأن المَرْأةَ عَقْلياً وعاطفياً عبارة عن مجموعة مِنْ الرموز والشَفْرَات دائمة التَغَيُّر لا تخضع لقَانُون ثابت ولا تَسْتُطِيع أن تفترض لها مُقَدَّمات كي تَحْصل علي نتائج ، عِنْدَمَا تَتَعَامَل مع اِمَرْأةَ فأنت تَتَعَامَل مع كائن جديد كل فيمتو ثانِيَة سِيكُولُوجِيَّة غريبة تتحدي عَلْمَاء النَّفْس والفَلاَسِفَة والحكماء ، ولأن فهم المَرْأةَ مُشْكِلَة كل رَجُل ، قررت أن أقوم بدور المفَهِّماتي في مُحَاوَلَة لتَرْجَمَة ذلَكَ الَكَائن الجَمِيل الغامض المُتَقَلِّب في تَرْجَمَة بسيطة يَسْتُطِيع عَقْل الرَجُل فهمها ، والمفَهِّماتي هو شَخْصية قديمة في التَارِيخ ، حينما بدأ عرض أفلام السِينَمَا الصامتة في مِصْر ، فى الثلاثينيات مِنْ القرن المَاضِي كان بديهيًا - في ذلَكَ الْوَقْت- أن يَكُون رُوّاد صالات السِينَمَا مِنْ الطبقات الراقية التي تُجِيد الْقُرَّاءَة والَكَتَابة لأن بَيْنَ المَشَاهِد التَمْثِيلِيَّة ، التي كَانَت تُعَرِّض بدُونَ حِوَار أو مُوسِيقَى تَظَهَّرَ على الشاشة لوحات مَكْتُوب تعليقات تُوَضِّح أسماء الشَخْصيات والأحداث وعِنْدَمَا اُفْتُتَحْتَ بعض دُور العَرْض في المناطق الشعبية، كان لابد أن يَجِد أَصْحَاب السِينَمَا حلاً لمُشْكِلَة التَرْجَمَة، لأن نِسْبَة الأُمّيَّة كَانَت مُرْتَفَعة جدًا، وعليه ظهرت وَظِيفَة المفَهِّماتي وكان دوره مُسَاعَدَة المشاهدين على فَهْم أحداث الفِيلْم حيث يقف بجِوَار الشاشة حين يرفع الستار وتُطْفأٌ الْأَنْوَار ليقوم بالتَرْجَمَة والتعليق وأَحْيَانًا يَسَأْله الجمهور أو يَدْخُل معهم في حِوَار أو يتبادل معهم النكات في الفواصل أو الإستراحة ، ويستمر في التَرْجَمَة حتي ينتهي الفِيلْم ومع الْوَقْت خرج المفَهِّماتي عن النَصّ ، وبدأ يُضَيِّف مِنْ عنده حِوَارات لا تَتَنَاسَب مع اللوحات الإرشادية، وينكت ويقلش إذا لزم الأُمّر ، وقد إنقرضت تلَكَ المهنة تماماً بَعْدَ صدور أول فِيلْم سِينَمَائي ناطق، ولَكَن المفَهِّماتي الذي أقوم أنا بدوره في ذلَكَ الَكَتَاب هو شَبِيه بالمفَهِّماتي الذي ظَهْر في فِيلْم الَكَيت كات ، وهو الشيخ حسني (محمود عبد العزيز) الرَجُل الَكَفِيف الذي يَلْتَقِي بالشيخ الَكَفِيف عبيد (علي حسانين) ويَكْذب عليه ويُقَدِّم له نَفْسُه علي أنه مُبَصِّر ، ويصْحُبّه إِلَى السِينَمَا لمشاهدة فِيلْم أجنبي، هنا يقوم الشيخ حسني بدَوْر المفَهِّماتي حيث يَصِف للشيخ عبيد مَعْرَكَة رهيبة وفتاة جَمِيلَة (لهطة قشطة) لا وجود لها في الفِيلْم تُتَابِع البَطَل بعينيها، فقد فَسَّرَ الواقع ولَكَن مِنْ خِلَال رؤيته الخاصة مع إضافة التحابيش والبُهَارَات اللازمة ، وهو ما قَرَّرَت أن أقوم به في ذلَكَ الَكَتَاب حيث قَرَّرَت أن اكون مفَهِّماتي لعَمَل درامي اسمه حَوَّاء والذي يُعْرَض مُنْذُ بدء الخَلِيقَة ويستمر عَرْضه (غصب واقتدار) حتي يَوْم الْقِيَامَة ، قد لا يَكُون كل ما أَقُوله هو الحَقِيقَة ولَكَنها رؤيتي الخاصة مع تحابيش شَخْص مفَهِّماتي

تاريخ الإصدار: 2025

الناشر: دار غراب للنشر والتوزيع

المؤلف: هشام المعداوي

تطبيق ألف كتاب وكتاب

حمل التطبيق الآن واستمتع بقراءة كتبك المفضلة في أي وقت وأي مكان