مدن البركيل

"التقيت جميل حافظ الصفدي ليلة الخميس 24 «ديسمبر- كإنون الأول» 1981، أذكر التاريخ بالتفصيل لإنها كانت “ليلة الميلاد”. قال جميل:”تعبت، سأحمل ابنتي سيما معي إلى لبنان وأعود إلى مخيم عين الحلوة، أفتح مطعماً في منطقة التعمير. نيويورك ليست مدينتي، هذه مدينة البركيل”.
السيدة لابرسيوسا سألت ببراءة:”ومن هو البركيل يا جميل؟”.
كان كأنما ينتظر السؤال، بدا وكأنه يرحل في سفر بعيد، حمل كأس العرق إلى شفتيه، أخذ رشفة، مسح شاربه الكثيف بباطن كفه، وقال بتمهل طفل يمص قطعة من السكر: “البركيل يا سيدتي هو نصف أفعى، أفعى مقطوعة نصفين، وفي فصل الصيف كان جدي، عندما تشتد حرارة الشمس، وتتكاثر الأفاعي في حقل البرتقال والليمون، يصطاد أفعى، يسحبها من جحرها الصخري ويقطع بنصل سكينه نصفها السفلي، فيزحف الذيل مذعورا يبحث عن ملجأ، بينما نصفها العلوي يتلوى تحت أشعة الشمس، بعد دقائق كان رأسها يتحرك، وبقايا جسدها تتقلص وتنتفض، ثم لا تلبث أن ترفع رأسها، ترفعه إلى حد تبدو فيه كعصا قصيرة، منتصبة، عصا سوداء، كانت هناك أفاعٍ من كل الألوان: الخضراء...."

تاريخ الإصدار: 2025

الناشر: دار ملهمون للنشر والتوزيع

المؤلف: شوقي رافع